أعلن وزير الداخلية الإيطالي (جوليانو أماتو) أنه لا يمكنه معارضة ارتداء المرأة المسلمة في بلاده للحجاب، وذلك لسبب واضح وبسيط وهو أن السيدة مريم العذراء والدة نبينا عيسى عليه السلام كانت تضع الحجاب على رأسها أيضاً، وهي أقدس امرأة عرفها التاريخ.
لأول مرة ينطلق صوت العقل والمنطق من عاصمة أوروبية على لسان وزير خارجية إيطاليا الذي لا يمكن للمرء إلا أن يقف أمامه باحترام للعقلانية والمنطق التي عبر فيها عن رأيه حول احترام حجاب المرأة المسلمة في بلاده، مسفهاً أحلام أولئك الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها حول حجاب المسلمة وما يشير إليه من عنصرية وإرهاب بزعمهم، ولسان حاله يقول: إذا كانت المسلمة المتحجبة عنصرية وإرهابية، فما نقول عن أمنا مريم البتول المحجبة.. هل هي عنصرية أم إرهابية؟!
القرآن أشار في سوره وآياته إلى أربعة نساء هن الأكمل في بني الإنسان وفي الأحاديث النبوية الشريفة خصصت النساء الأربع وهن : مريم أم نبينا عيسى عليه السلام، ثم فاطمة الزهراء بنت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأمنا خديجة زوجة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وزوجة فرعون مصر المسلمة آسيا.
وروت آيات القرآن الكريم قصة مريم البتول عليها السلام وقصة آسيا زوجة فرعون مصر التي كانت تكتم إيمانها، وسرد قصتيهما في محكم التنزيل.. فهذه مريم أم عيسى عليه السلام خص قصتها بسورة كاملة وأسماها باسمها (سورة مريم).. ومما جاء في القرآن بحق مريم قول الله سبحانه وتعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً)، و يقول ربنا عز من قائل: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ).
السيدة مريم عليها السلام أم النبي عيسى المسيح هي أفضل نساء العالمين وهي امرأة جليلة عفيفة طاهرة صبرت على أذى قومها وكانت تقية عارفة بالله تعالى فقد أكرمها الله عز وجل بكرامات ظاهرة واصطفاها من بين جميع النساء لتكون أماً لنبيه عيسى المسيح عليه السلام، دون أن يكون لها زوج أو يمسها بشر، والسيدة الجليلة مريم عليها السلام هي أفضل نساء العالمين بنص القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، فقد قال الله عز وجل في محكم تنزيله: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ)، فقوله تعالى؛ اصطفاك؛ أي اختارك واجتباك وفضلك.
قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((وخير النساء مريم بنت عمران ثم فاطمة بنت محمد ثم خديجة بنت خويلد ثم آسية بنت مزاحم)).
وأما ولادة السيدة مريم عليها السلام ونشأتها فقد كانت أمها و اسمها (حنة) وهي امرأة عمران لا تلد. ولكن الله تبارك وتعالى شاء لحنة امرأة عمران أن تحمل بأنثى تكون سيدة نساء العالمين وأماً لنبي من أولي العزم من الرسل وهو عيسى المسيح عليه السلام، ولما ولدت امرأة عمران مولودتها الجديدة أسمتها مريم وتولاها الله سبحانه وتعالى برحمته وعنايته وشاء الله عز وجل لنبيه زكريا عليه السلام، وكان زوج أخت مريم، أن يتكفّلها دون غيره من الرجال.
فكان زكريا عليه السلام يعلمها تعاليم دين الإسلام والأخلاق الحسنة وينشئها على الأخلاق الفاضلة، فنشأت مريم عليها السلام صالحة عفيفة طاهرة من الذنوب والمعاصي عارفة بالله عز وجل وتقية وولية تداوم على طاعة ربها عز وجل آناء الليل و أطراف النهار فأكرمها الله سبحانه بالكرامات الظاهرة التي كانت آيات عجيبة دالة على عظيم قدرة الله سبحانه وتعالى، فقد كان نبي الله زكريا عليه السلام يرى عندها في المحراب وبعد أن يغلق عليها أبواب المسجد، كان يرى فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف كرامة لها من الله عز وجل يقول الله تعالى: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
نعم لقد أصبت أيها الوزير الإيطالي العاقل عين الحقيقة عندما قلت: أنه لا يمكنك معارضة ارتداء المرأة المسلمة في بلادك للحجاب، وذلك لسبب واضح وبسيط وهو أن السيدة مريم العذراء والدة نبيك عيسى عليه السلام كانت تضع الحجاب على رأسها أيضاً، وهي أقدس وأطهر وأعظم امرأة عرفها التاريخ.
نتمنى أن يكون في أوروبا عقلاء من أمثال الوزير الإيطالي يملكون شجاعته في قول الحق الأبلج كنور الشمس وضياء الصبح.. فالمسلمة عندما تتمسك بدينها وبحجابها فهي عنصر خير في المجتمع الذي تعيش فيه، بغض النظر عن العرق أو الموطن، لأنها ستكون مواطنة صالحة، وأماً فاضلة تربي أبناءها على الفضيلة والمحبة والاحترام.