تمهيد

في ٠٩-٠٣-٢٠٠٩

  • لقد مرت امتنا العربيه بظروف  مظلمه  في اواخر القرن التاسع عشر وعشرينيات القرن الماضي ,ابان  وأواخر الحكم العثماني وما تلاه من استعمار غربي , كرس في بلادنا التجهيل والفقر,  ومن ثم الذل والهوان , وقسمت بلادنا الى دول هزيله باتفاقية سايكس بيكو , ووضعت تحت مسميات شتى  , من وصاية , الى انتداب , الى استعمار .
  • لكن الشعوب لا تخلو من نبض الحياه  , فتفتقت فيها افكار واراء وايديولوجات عديده  , لكنها متناقضه ومتصارعه , من قومية الى اشتراكيه الى اسلاميه , كل منها ينظر الى الاخر,  نظرة ممزوجة بالشك والريبه , هذا اذا لم تصل الى درجة العداء والتصادم , متمثلة بأقصى درجات التطرف , فالقومي لا يحسن الظن بالاسلامي  , والأسلامي  لا يحسن الظن باليساري ,واليساري لايحسن الظن بالليبيرالي , وليس هذا فحسب , بل ان كل منهم يجند نفسه لمقارعة الاخر , وينسى واجبه  , في تحقيق النهوض للوطن وابناءه  , ويتناسى ان هناك عدوا مشتركا يتربص بالجميع .
  • تجربة حيه عاشتها بلادنا العربيه في مشرق وطننا العربي ومغربه , وكوننا في بلاد المشرق العربي , نخص بذلك بلدنا الغالي سوريا , الذي مر في نفس التجربة , من ترهل للخلافة العثمانيه ومن ثم نهاية لها , الى  معاناة من احتلال فرنسي .
  • ابان تلك المراحل تفتقت في بلدنا الحبيب سوريا , براعم فكرية متنوعة , من قومية الى اسلامية الى يسارية اشتراكيه , وتشكلت من تلك البراعم اطياف وتيارات واحزاب سياسيه , ولكن للاسف متناحره ,تشكك ببعضها بعضا , متخذة اعلى درجات التطرف الفكري والسياسي بالنظرة والمواقف العملية فيما بينها , وبالتالي اوصلنا هذا التطرف الحاد , الى سيطرة الحزب الواحد , الذي همش واقصى دور الاحزاب الاخرى , باساليب شتى  , ولبست عباءته انظمة تسير البلاد بروح حزبية فئوية متطرفة حاده .
  • هذا ماعشناه كتجربة حيه مررنا بها في حياتنا التي عشناها في بلدنا سوريا حتى اواخر السبعينيات من القرن الماضي واكتوينا  خلالها بنار التطرف الفكري والسياسي والحزبي والفئوي , حتى ان التيار جرفنا فاصبحنا كغيرنا في ذالك الوقت متطرفين , ننظر الى انفسنا اننا الافضل  , وسوانا لاقيمة له ولا مصداقيه . تجلى ذلك واضحا في اواخر السبعينات واوائل الثمانينات من القرن الماضي , حيث لم يقتصر في حينه على النظرة في التطرف بل الى الفعل المتطرف من السلطة والمعارضة على حد سواء , والذي بلغ اقصاه من اعتقالات واغتيالات وتفجيرات وتهديم احياء من مدن على ساكنيها . كل ذلك حصل بين ابناء الوطن الواحد , صراع سيره التطرف الحاد والاعمى , تطرف حزبي فئوي طائفي , يوهم من يقوم به انه بذلك يحقق المجد لذاته ولفئته ولحزبه , وغافلا عن الحقيقه الساطعه بانه يؤذي نفسه قبل ان يؤذي غيره , وبفعله هذا يضعف بلده ويحطم مستقبله , لان مصيره مرتبط بمصير ابناء وطنه كافه , فعزته بعزتهم ومجده بمجدهم .
  • انه لمن المضحك المبكي , ان التطرف لم يقتصر على حزب تجاه حزب اخر , او فكر تجاه فكر مغاير, بل انه لمن المؤسف ان التطرف معشعش في احضان وعقول افراد الحزب الواحد والفكر الواحد وتجاه بعضهم بعضا , وهذا بشكل عام , ان كان الحزب قوميا او يساريا او اسلاميا ,  وهذا ما لمسناه من خلال تجربتنا السياسيه التي عشناها , والتي عاشها اخرون من ابناء وطننا في احزاب سورية اخرى , فلا يمكن ان يقبل اي رأي مخالف  , وليس هذا فحسب  , بل يوضع صاحب الرأي المخالف تحت المجهر ,  ويتم تعقبه  , ان لم تتخذ بشأنه اجراءات تمس حياته اليوميه وحياة افراد اسرته ومستقبله السياسي ,  وبالتالي اقصاءه ووضعه في زاوية مظلمه بعيدا عن النور .
  • ان التطرف  امر له نتائج وخيمة على الوطن والمواطن على حد سواء , وحينما نقول ذلك نعتمد في قولنا على واقع نعيشه وماض اكتوينا بناره .
  • ان التطرف امر مدمر وخطير ولا تحمد نتائجه , ايا كان مصدره الحاكم كان او المحكوم , السلطه كانت ام المعارضه , مع الاخذ بعين الاعتبار ان تطرف الحاكم  ذو اثر اخطر من تطرف المحكوم  , وذلك كما هو معلوم  ,عائد لامكانية الحاكم التي يتمتع بها من خلال سلطته .
  • اننا كمواطنين مغلوبين على امرنا داخل سوريا وخارجها, نساس بسياسةالتطرف, التي اعتمدتها السلطة في الداخل والمعارضة في الخارج , على حد سواء لا يقبل احدهم الا ما يرى هو, ولا يسمح لراي اخر ان يسمع , واذا سمع رأيا مخالفا لا تقوم لصاحب الرأي المعارض قائمه .
  • نحتاج ان ننصف انفسنا قبل ان ننصف غيرنا , باعتناقنا الرؤية المتطرفه والأسلوب المتطرف  ,  نرتكب الحماقه تلو الأخرى  , اذ اننا نحن الخاسرون مستقبلا , ودليل حال الوطن والمواطن في بلدنا الحبيب سوريا خير شاهد على ذلك . كما هو حال المعارضة بكافة اطيافها واتجاهاتها مترهلة ضعيفة خاويه , كل ذلك لاعتماد التطرف في النهج والاسلوب , وذلك واضح كالشمس الساطعه , ولو كان عكس ذلك لما استمر حال وطننا على ما هو عليه من ضعف وهوان وتفرق وتخلف , وكذلك الحال بالنسبة للمعارضة المترهله ايضا .
  • ان الأخذ بمبدأ المحسوبية , وهذا أخي  , وهذا صديقي , وهذا ابنالقبيله  , وهذا ابن الجيران , في اختيار المتقدم لأي وظيفة او مركز فيبلدنا الحبيب , في السلطة اوالمعارضه , وفي اي مجال كان , والابتعاد عنالأهلية والكفاءة والمقدرة والخبرة  , لتعيين المتقدم او اختيار المرغوب فيه كي يكون  للسفينة الربان , لدليل ساطع بان حالنا ليس بأ مان , وان الأبتعاد عن اتباع الوسطيه كمنهاج حياة وطريقة تفكير, وعدم اعتبار الأخر , الذي هو شريك في الوطن او القضية , هذا النهج هو الذي زعزع البنيان .
  • ان وطننا  , أوقضيتنا ,  سفينة كبيرة في عرض البحر , تتعرض الى عواصفعاتية , وامواج متلاطمة , تتقاذفها يمنة ويسرة , عواصف وامواج التطرف السياسي والاجتماعي والمذهبي والديني والاثني كانها فنجان , فهي بانتظارالقائد الفذ , الذي سيتقلد قيادتها بشكل ديمقراطي , ويؤمن بحقبالديمقراطية ,ويؤمن ايمانا قاطعا, ان الوسطية في التفكير وفي الرؤى والاعتدال في الاسلوب والمنهج ,هما السبيل الاوحد لقيادة سفينة الوطن بمواطنيها, كي يصلوا الى بر الامان  , حينئذ يثبت انه بحق , هو افضل ربان .
  • ان ما ذكرناه , يبدو جليا وواضحا , امام كل  مواطن  مر بتجربة سياسية في بلدنا الحبيب سوريا , وحتى امام  كل مواطن  لم يمر بتلك التجربه , ولكنه عاصر احداثها ,  ووصل الى مسامعه مايجري وما يحصل داخل كل حزب سياسي , من ضروب التطرف المختلفه في التعامل بين عناصر الحزب الواحد , ومن تعامل الاحزاب مع بعضها البعض .
  • اننا  نفتقر الى الموضوعيه السياسيه , والى احترام غيرنا والاعترافبدوره , وعدم التشكيك بنواياه واخلاصه , ان كان في داخل الحزب الواحد اوفي العلاقة بين حزب واخر .
  • من الماضي والحاضر استخلصنا عبر,  مما جرى وما يجري لوطننا الحبيب , من التنافر والتناحر بين الاحزاب والتيارات السياسيه كافه , وبين السلطة والمعارضه, كل يتمثل التطرف منهاجا لا ثاني له , في التعامل داخل الحزب الواحد , وفي تعامل الاحزاب فيما بينها .
  • من هذا المنطلق , وجدنا ضالتنا في انشاء حزب الوسط  , يقوم بترسيخ فكر وتفكير وسطي معتدل , يساوي بين المواطنين بالحقوق والواجبات , ويصون حرية الرأي والتعبير وحريةالمعتقد , ويؤمن بان لكل مواطن دوره , كيف لا وهو مواطن من ابناء الوطن , له ماله من حقوق وعليه ماعليه من واجبات  , في ظل دولة المؤسسات وحمايةالقانون . وذلك باعتماد الوسطيه بالرؤى والمواقف , والاعتدال في المنهجوالاسلوب , بين الفرد وذاته وبين الفرد وغيره , وفيما بين الاحزاب وبين السلطة والمعارضه , واجتهدنا في تسميته حزب الوسط , تيمنا بالآية الكريمه , وكدلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس , ويكون الرسول عليكمشهيدا , صدق الله العظيم , حيث تعمدنا ان يتوافق الإعلان عن حزبنا السياسي – حزب الوسط , وتحميله على الشبكة العنكبوتيه , مع ذكرى مولد المعلم  الأكرم , صاحب الخلق الاعظم , المصطفى صلى الله عليه وسلم ,في 12 ربيع الاول 1430 هجري , الموافق ل 09-03-2009 ميلادي .
  • اننا في حزب  الوسط نؤمن , انه يقع على عاتقنا , ان نقوم بردم الهوة , التي احدثت بين ابناء الوطن الواحد , وبين السلطة والمعارضه بكافة اطيافها , وذلك بتأاصيل وتعميم التفكير بالوسطية والاعتدال , والالتزام بهما , كفكر سياسي اجتماعي ,في مختلف اوجه حياتنا وشؤننا اليوميه , تحت مظلة الديمقراطية الحقه , مرتكزة على حماية حقوق الانسان بكافة اشكالها , باعتماد هذه الطريقه بالتفكير , ومن ثم التعامل بها بين الفرد وذاته وبين الفرد وغيره , وبين الجماعات والهيئات والاحزاب , وبين الرئيس والمرؤوس , نصل الى حالة  , لا تكون فيها هوة بين ابناء الوطن الواحد , ولا وجود لهوة بين السلطة والمعارضه , فكلاهما وجهان لعملة واحده هي , الإخلاص فيالمواطنه  , والعمل على النهوض بالوطن والمواطن الى حال افضل من الحال الذي هو فيه , بروح وطنية  ,ديمقراطية  , حرة لبقة , تنافسية ايجابية ,منبعثة من الوسطية بالرؤية والتفكير والاعتدال في التعامل , وبذلك نستطيع ان نتجاوز تلك الفترة العصيبه , التي عصفت بالوطن والمواطن لعقود من الزمن , وما زالت تعصف به , لأستمرارية اعتماد نفس النهج والاسلوب  , في التفكيرالسياسي والاجتماعي المتطرف متمثلا- بأريك ما ارى  – المنطلقة من سيطرة الحزب الواحد.

والله الموفق

امين عام حزب الوسط السوري

محمود علي الخلف    لندن – المملكه المتحده  , في ٠٩-٠٣-٢٠٠٩

 

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    تكلمت مع الأستاذ محمود على الهاتف وسأتواصل اليوم للانضمام للحزب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *